كيف تكتب موضوعا متماسكا وفق مقتضيات القراءة المنهجية

mardi 7 juin 2011




اقرأ الموضوع إن كنت مهتما فسنعود لمعالجته وفق ما تقتضيه القراءة المنهجية المطلوبة في صياغة موضوع إنشائي في امتحانات الباكالوريا .

نص الانطلاق :
الدهر يفجع بعد العين بالأثر
فما البكاء عن الأشباح والصور ؟ *

فلنبدأ في التحليل مطبقين المبادئ التي تقدمت .. ومنها أن الشعر عبارة عن تشاكل وتباين . وسنشرع نحلل مبتدئين من الأخص إلى الأعم .
إن أول ما ندركه من التشاكلات هو الأصوات ، وكثير منها يرجع إلىحيز واحد هو الحلق ( أ ، هـ ، ع ، ح ) . وهي تدل هنا على معنى أساسي هو الحزن والزجر ....
إذا تجاوزنا علاقة الصوت بالمعنى إلى المعجم فإننا نجد الشاعر قد استقاه من مدونة الغرض . وقد تحكم في حضور كلماته مبدأ التداعي بالمقاربة . ف ’’ العين ‘‘ دعت ’’ الأثر ‘‘ و ’’ الأشباح ‘‘ استدعت ’’ الصور ‘‘ .. فالذاكرة قامت بدور أساسي في هذا التجميع لكلمات معروفة لدى المتلقي أيضا ولذلك جاءت مصحوبة ب ’’ ال ‘‘ .. بيد أن الأصوات وما توحي به من معان ، والمعجم ومفرداته لا يكفيان في فهم الشعر وكشف أسراره وإنما يجب أن يصاغا في تركيب .
إن الرتبة الطبيعية في اللغة العربية هي : ( الفعل + الفاعل + المفعول به ) و ( المبتدأ + الخبر ) و( الصفة + الموصوف ) . وإذا وقع غير هذا الترتيب فإن هناك تشويشا في الرتبة يحتاج إلى تأويل . ولذلك فإن تركيب ’’ الدهر يفجع ‘‘ جاء على غير الأصل ، لأن هدف الشاعر من تقديم الدهر هو ان يجعله موضوعا متحدثا عنه وما يتلوه تعليقا عليه .. كما أن الأصل في الاستفهام هو طلب العلم ، لكن الشاعر لا يقصد ذلك ، وإنما يريد التوبيخ والتقريع . وهكذا فإن الجملة الخبرية / الجملة الإنشائية أحدثا توترا تركيبيا في البيت يعكس صراعا بين : الشاعر / المتلقي ، وبين الدهر / الإنسان .
ومهما يكن ، فإن هناك خرقا على مستوى التركيب نراه في :
- تشويش الرتبة
- الاستفهام المجازي الذي يعني النهي ( لا تبك ) .
- الإسناد المجازي في ’’ الدهر يفجع ‘‘ . إذ مقومات الدهر : [ + زمان ] ، [ + غير محدود ] ، [ + مجرد ] ، [ + مؤذ ] ، [ - إنسان ] . ويفجع [ + فعل مضارع ] ، [ + فاعله حي ] .
- حذف المفعول ، إذ ’’ يفجع ‘‘ فعل متعد ، ولكنه حذف لتحقيق عمومية الخطاب
- استعمال فعل استمراري خال من الزمن
إن أسباب هذا الخرق يمكن ان تلتمس في الآليات النفسية والاجتماعية التي تتحكم في الشاعر وتسيره .
فذاكرته وتجربته الثقافية وتقاليد الفن ونوع اغلمتلقي حدت من حريته وجعلته يتحرك ضمن معالم معروفة ... ففي البيت ألفة تطمئن المتلقي وتجعله يعتقد انه يعيش بين ’’ معارفه ‘‘ ، وغربة تجعله يتوجس خيفة مما هو مقبل عليه .. ولكن الغرابة نسبية . فقد يمر بعض القراء بهذا البيت ولا يلمح فيه شيئا غير مألوف .. في حين أننا نحن نرى فيه غرابة راجعة إلى حياة الشاعر الخاصة .
وهكذا يمكن لنا أن نخمن أن الشاعر قدم بيته وهو في حالة نفسانية غير سوية ..

محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري ، استراتيجية التناص ، ص ص 175 ، 176 ،177 ، 178 بتصرف


المطلوب إنجازه

اكتب موضوعا متسقا تنجز فيه ما يلي :

1 – ضع تصورا عن النص من خلال البيت الشعري والفقرة الأولى .
2 – أبرز مظاهر الخرق على مستوى التركيب في البيت الشعري مع الشرح
3 – أبرز بماذا أول الناقد هذا الخرق
4 – تتبع الخطوات المنهجية للناقد مبينا مستويات القراءة والموقف من النص الأدبي
5 – استخلص المفاهيم النقدية التي توسل بها الناقد وبين من خلالها الخلفية المرجعية للنموذج الذي يتبناه .
6 – أبرز مظاهر اتساق النص ( الربط بين الجمل ، بين الفقرات ) .
أبرز مظاهر انسجامه ( السياق ، التأويل المحلي ، التغريض ، الإطار ، المدونة ) .

* البيت مطلع لقصيدة ابن عبدون في رثاء الممالك ( الأندلس ) .

اقرأ الموضوع إن كنت مهتما فسنعود لمعالجته وفق ما تقتضيه القراءة المنهجية المطلوبة في صياغة موضوع إنشائي في امتحانات الباكالوريا .

0 comments

Enregistrer un commentaire