قالوا في الوطن

samedi 9 juillet 2011


السؤال :

من القائل :

ولي وطن آليت أن لا أبيعه - - - - وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا

الجواب :

هذا البيت المشهور هو لعلي بن العباس الرومي المعروف بان الرومي من قصيدة قالها لسليمان بن عبد الله بن طاهر . ويأتي عادة مع أبيات أخرى هي :

عمرت به شرخ الشباب منعما - - - - بصحبة قوم اصبحوا في ظلالك

وحبب أوطان الرجال إليهم - - - - مآرب قضاها الشباب هنالك

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم - - - - عهود الصبا فيها فحنوا لذلك

فقد ألفته النفس حتى كأنه - - - - لها جسد ، إن بان غودر هالكا

ومن أجمل الشعر في شدة الحنين حتى ليكاد المكان يتكلم من فرط المحبة والشوق ، قول ذي الرمة :

وقفت على ربع لمية ناقتي - - - - فما زلت أبكي عنده واخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه - - - - تكلمني أحجاره وملاعبه

وتشوق العرب إلى أوطانهم وقالوا الكثير من الأشعار في ذلك ، وقد بين الله فضل الوطن وكلف النفس به في قوله :
’’ ولو أنا كتبنا عليكم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ‘‘ فجعل الله الخروج من الديار مثيلا لقتل النفس .
ومع ذلك فقد تكلم العرب خلاف ذلك في الوطن ، وحضوا على ترك الأوطان وعدم التمسك بها ، ولعلهم كانوا يقصدون بذلك الوطن الصغير أي البلدة أو القرية أو المدينة أو القبيلة دون الوطن الكبير الشامل . ومن ذلك قول ابراهيم الغزي :

ليست بأوطانك اللائي نشأت بها - - - - لكن ديار الذي تهواه اوطان

خير المواطن ما للنفس فيه هوى - - - -سم الخياط بين الأحباب ميدان

كل الديار ، إذا فكرت ، واحدة - - - - مع الحبيب وكل الناس إخوان

أفدي الذين دنوا والهجر يبعدهم - - - - والنازحين وهم في القلب سكان

كنا وكانوا بأهنا العيش ثم نأوا - - - - كأننا قط ما كنا ولا كانوا

وقد يكون كلام الغزي محمولا على التعلق بالحبيب لا غير ، ولكن أبا الفتح البستي يقول :

إذا نبا بكريم موطن فله - - - - وراءه في بسيط الأرض أوطان

وإن نبت بك أوطان نشأت بها - - - - فارحل فكل بلاد الله أوطان

وقد أفرط في ذلك الشاعر صر در فقال :

قلقل ركابك في الفلا - - - - ودع الغواني للخدور

لولا التنقل ما ارتقت - - - - درر البحور إلى النحور

ويقال إن أبا دلف سمع أبا سرح يقول :

لا يمنعنك خفض العيش في دعة - - - - نزوع نفس إلى أهل وأوطان

تلقى بكل بلاد أنت ساكنها - - - - أهلا بأهل وجيرانا بجيران

فقال أبو دلف : هذا ألأم بيت قالته العرب .
...تابع القراءة

قول على قول في الغزل


السؤال :

من القائل وما المناسبة ؟

نضت عنها القميص لصب ماء - - - - فورد وجهها فرط الحياء

الجواب :
هذا البيت من جملة أبيات تنسب إلى أبي نواس ، وتنسب أحيانا إلى عبد الله بن المعتز . والأبيات تعرف بأبيات المغتسلة ، يصف فيها امرأة تغتسل ثم تلتف بعد ذلك بردائها وبشعرها الطويل ، تسترا من عين الرقيب . فهو يقول :

رأت شخص الرقيب على التداني - - - - فأسبلت الظلام على الضياء

فغاب الصبح منها تحت ليل - - - - وظل الماء يقطر فوق الماء

فسبحان الإله وقد براها - - - - كأحسن ما يكون من النساء

وهذا المعنى المتعلق ببياضها مع سواد الشعر أورده أحدهم وهو أبو دؤاد كما في حماسة بن الشجري ، يقول :

فرعاء تسحب من قيام شعرها - - - - وتغيب فيه وهو جثل مونق

فكأنه ليل عليها مغدف - - - - وكأنها فيه نهار مشرق

وهذا قريب لفظا ومعنى من بيتين لبكر بن النطاح :

بيضاء تسحب من قيام شعرها - - - - وتغيب فيه وهو جثل أسحم

فكانها فيه نهار ساطع - - - - وكانه ليل عليها مظلم

ومن الذين اغربوا بالقول في هذا المعنى الطائي حيث يقول :

بيضاء تبدو في الظلام فيكتسي - - - - نورا ، وتبدو في النهار فيظلم

ومن ذلك أيضا قول المتنبي :

نشرت ثلاث ذوائب من شعرها - - - - في ليلة فأرت ليالي أربعا

واستقبلت قمر السماء بوجهها - - - - فأرتني القمرين في وقت معا

وكذلك قول بن المعتز :

توارت عن الماشي بليل ذوائب - - - - لها من محيا واضح تحته فجر

يغطي عليها شعرها بظلامه - - - - وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

وعبارة في الليلة الظلماء يفتقد البدر استعملها أبو فراس الحمداني بقوله :

سيذكرني قومي إذا جد جدهم - - - - وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

واستعملها قبلهما عنترة العبسي بقوله :

سيذكرني قومي إذا الخيل أقبلت - - - - وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

ومن قولهم في الشعر في معرض ظلمة الليل ونور الصباح قول نصر بن أحمد :

سلسل الشعر فوق وجه فحاكى - - - - ظلمة الليل فوق ضوء الصباح

ومن ذلك قول بن المعتز :

سقتني في ليل شبيه بشعرها - - - - شبيهة خديها بدون رقيب

فأمسيت في ليلين بالشعر والدجى - - - - وشمسين من خمر وخد حبيب

ولابن المعتز أيضا :

فلما أن قضت وطرا وهمت - - - - على عجل بأخذ للرداء

رأت شخص الرقيب على تدان - - - - فأسبلت الظلام على الضياء

وغاب الصبح منها تحت ليل - - - - وظل الماء يقطر فوق الماء

ولابن لنكك في النساء :

نواشر في الضحى من فرعها غسقا - - - - وفي ظلام الدجى من وجهها فلقا

ولابن دريد الأزدي :

غراء لو جلت الخدود شعاعها - - - - للشمس عند طلوعها لم تشرق

غصن على دعص تألق فوقه - - - - قمر تألق تحت ليل مطبق

فكأننا من فرعها في مغرب - - - - وكأننا من وجهها في مشرق
...تابع القراءة

شياطين الشعر



شياطين الشعر


السؤال :
يقال إن هاجس امرئ القيس هو لافظ بن لاقط ، وهاجس الأعشى مسحل بن أثاثة .
فما مدى صحة هذه الأقوال ، وما صلة الجن بالشعراء خاصة ؟

الجواب :
كان العرب يعتقدون بأن للشاعر جنيا أو جنية توحي إليه الشعر ، كما كان الإغريق القدماء يقولون بوجود الموحيات للشعر أو الفن عموما ويسمونها Musa ولذلك كان العرب يسمون الشعر نفث الشيطان . فكان مثلا للأعشى شيطان اسمه مسحل ، وكان لعمرو بن قطين شيطان اسمه جهنام ، ولبشار شيطان اسمه سنقناق ، ويحكى أن رجلا من بني تميم أتى الفرزدق ، وأنشد بيتا نظمه وهو :

ومنهم عمر المحمود نائله - - - - كأنما رأسه طين الخواتيم


فضحك الفرزدق وقال :

ياأخي أن للشعر شيطانين : أحدهما يقال له الهوبر والثاني يقال له الهوجل . فمن انفرد به الهوبر جاد شعره وصح كلامه ، ومن انفرد به الهوجل ساء شعره وفسد كلامه ، وقد اجتمعا لك في هذا البيت ، فكأن الهوبر كان معك في أول البيت فأجدت وخالطك الهوجل في آخره فأفسدت .
وكان للمخبل شيطان اسمه عمرو ، ويقال إن هذا شيطان الفرزدق ، وقال بعضهم مشيرا إلى ذلك :

لقد كان جني الفرزدق قدوة - - - ولا كان فينا مثل فحل المخبل


ولا في القوافي مثل عمرو وشيخه - - - - ولا بعد عمرو شاعر مثل مسحل


ويقول العرب عن الشعر إنه رقى الشيطان ، كقول جرير :


رأيت رقى الشيطان لا تستفزه - - - ةقد كان شيطاني من الجن راقيا


كما أنهم ، أي العرب ، كانوا يقولون عن الكلمات الخلابة إنها رقى الشيطان كقول بعضهم :


ماذا يظن بسلمى إذ يلم بها - - - - مرجل الرأس ذو بردين وضاح


خز عمامته حلو فكاهته - - - - في كفه من رقى الشيطان مفتاح


ويقال إن العرب كانت تطلق على الشعراء اسم كلاب الجن ، ويستشهدون على ذلك بقول عمرو بن كلثوم في معلقته :


وأنزلنا البيوت بذي طلوح - - - - إلى الشامات تنفي الموعدينا


وقد هرت كلاب الحي منا - - - - وشذبنا قتادة من يلينا


ويقول الأعشى عن تابعه مسحل ، وتابعته جهنام ( بضم الجيم والهاء وتشديد النون ) :


دعوت خليلي مسحلا ودعوا له - - - - جهنام جدعا للهجين المذمم


ويقول حسان بن ثابت عن شياطين الشعر :


إذا ما ترعرع منا الغلام - - - - فما إن يقال له من هوه


إذا لم يسد قبل شد الإزار - - - - فذلك فينا الذي لا هوه


ولي صاحب من بني الشيصبان - - - - فطورا أقول وطورا هوه


والشيصبان اسم من أسماء الشيطان ، أو هو اسم قبيل من الجن . وقال أبو النجم الراجز :


إني وكل شاعر من البشر - - - - شيطانه أنثى وشيطاني ذكر


فما رآني شاعر إلا استتر - - - - فعل النجوم عاين القمر


وهذا شبيه بقول الآخر :


إني وإن كنت صغير السن - - - - وكان في العين نبو عني


فإن شيطاني أمير الجن - - - - يذهب بي في الشعر كل فن


...تابع القراءة