حسني مبارك يبتز طيبوبة الشعب المصري

mardi 17 mai 2011


الشعب المصري معروف بطيبته ورقة قلبه، وترفعه عن نزعة الانتقام من خصومه، وهذا ما يفسر عزوف المصريين عموماً عن سفك الدماء بالمقارنة مع بعض العرب الآخرين، وتغيير النظام من خلال ثورة حافظت على طابعها السلمي حتى اطاحة الرئيس حسني مبارك.
الاجراءات القضائية التي استهدفت رموز الفساد في العهد السابق اتسمت ايضاً بأعلى الدرجات الحضارية والاستقلال القضائي، فلم يتعرض اي وزير أو مسؤول سابق للاهانة او التعذيب، وعوملوا باحترام كبير، رغم ان اجهزتهم القمعية تفننت في اهانة خصومها وتعذيبهم.
الرئيس المخلوع حسني مبارك يراهن حالياً على طيبة الشعب المصري وتسامحه، ويعكف حالياً على اعداد خطاب عاطفي مؤثر لتوجيهه الى الشعب المصري طلباً للصفح والغفران، مبدياً فيه استعداداته لإعادة جميع الاموال التي نهبها من الشعب الى خزينة الدولة.
السيدة سوزان مبارك زوجته اقدمت على 'بروفة' مصغرة في هذا المضمار، تمهيداً لخطوة زوجها المقبلة، عندما اعلنت تنازلها عن أربعة ملايين دولار كانت في حساباتها، بالاضافة الى فيلا فخمة كانت تملكها مقابل الافراج عنها، وهو ما حدث فعلاً يوم امس.
ثروة السيدة سوزان لا يمكن ان تنحصر في فيلا وأربعة ملايين دولار، فطباخ الرئيس يملك ثروة اكثر من هذا الرقم المتواضع، ناهيك عن حيتان مافيا رجال الاعمال التي هيمنت على النظام، وسخرته في خدمة جشعها وتعطشها لامتصاص دماء الشعب الفقير المعدم المطحون.
الحكم الجديد في مصر يتعرض لضغوط هائلة، بعضها عربي وبعضها غربي لعدم محاكمة الرئيس مبارك وزوجته، وبلغت هذه الضغوط ذروتها عندما اصدر النائب العام قراره باعتقال الاثنين بعد ان جرى فعلاً اعتقال نجليهما جمال وعلاء انتظاراً للمحاكمة بتهم الفساد والتربح من خلال استغلال منصب والدهما ونفوذه.
ولعل المثل الأبرز على الضغوط العربية هذه فشل الجولة الخليجية التي قام بها السيد عصام شرف رئيس الوزراء المصري في الحصول على اي قروض او مساعدات من البلدان الثلاثة التي زارها، ووقوف حكومات عربية وخليجية بالذات خلف الثورة المضادة التي تريد زرع الفوضى والفتنة الطائفية في البلاد.
وزير المالية المصري اعلن بالأمس ان الاستثمارات الاجنبية في مصر وصلت الى درجة الصفر منذ اندلاع الثورة، مما يعني ان الدول الغربية، والولايات المتحدة بالذات، تريد تركيع النظام المصري الجديد، وافشال ثورته.
لا نعرف ما اذا كان خطاب الرئيس مبارك العاطفي الذي يعكف كتبته ومريدوه على اعداده حالياً سيعطي ثماره من حيث الحصول على صك غفران من الشعب، وبالتالي عدم وقوفه في قفص الاتهام لمحاكمته على جرائم ارتكبها نظامه، ومن بينها قتل اكثر من 400 انسان بريء، وتجويع اكثر من 40 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر.
من المفترض ان يفشل الابتزاز العاطفي في حرف مسار القضاء، لان اعادة المسروقات لا تعفي اللص من العقوبة، اياً كانت درجته، سواء كان رئيساً للجمهورية او شخصاً فقيراً معدماً فالعدالة يجب ان تأخذ مجراها.
رئيس البنك الدولي الفرنسي شتراوس كان الذي انقذ الاقتصاد الاوروبي، والفرنسي منه بالذات، يقبع حالياً خلف القضبان، لانه تحرش بخادمة في فندق كان يقيم فيه، ورفضت القاضية في محكمة نيويورك الافراج عنه بكفالة.
ترى ايهما اكثر اجراماً رئيس سرق شعبه على مدى ثلاثين عاماً، وكون ثروة تقدر بمليارات الدولارات، وسلبها دورها ومكانتها، أم رئيس بنك دولي تحرش بخادمة في فندق؟
نترك الاجابة للقضاء المصري العادل ولشباب الثورة المصرية الذين حققوا اكبر انجاز في تاريخ مصر الحديث.

0 comments

Enregistrer un commentaire